يُعد التحرّش الجنسي من الظواهر الاجتماعيّة الخطيرة التي انتشرت بشكل كبير ويزداد التحدُّث عنها بكثافة في الآونة الأخيرة، و كان لوقت طويل يُعتبر أحد المحرّمات التي لا يجب التحدث عنها بل ولم يكن الناس حتى يستخدمون كلمة “تحرش”. لكننا نؤمن أن هذا لا يُعد مبررًا لتجاهل التحرّش أو للتظاهر بعدم وجوده، إضافة لكونه واحداً من أكثر المشاكل الشائعة في العالم، وقد يحدث التحرّش الجنسي او اى شكل من اشكال العنف الجنسى في أي مكان، سواء في الأماكن العامة أو الخاصة، مثل: الشوارع، أماكن العمل، المواصلات العامة، المدارس والجامعات، المطاعم، الأسواق التجارية، داخل المنزل، بل و حتى في صحبة الآخرين (العائلة، الأقارب والزملاء)، عبر الإنترنت، وغيرها.
- متحرش الجامعة و اشتعال الحرب على السوشيال ميديا
انتشرت الأيام الماضية حالة من الغضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، عقب إعلان مجموعة من الفتيات عن تعرضهن للاغتصاب والتحرش علي يد “متحرش الجامعة الأمريكية” المدعو أحمد بسام زكي، وتفاعل معها عدد من نجوم الفن والإعلام.، وليس ذلك فقط بل تشجعت الكثير من الفتيات في الإفصاح عن تعرضُهن للتحرش و الاغتصاب .
و قد تم القبض عليه و التحقيق معه جراء التُهم الموجهه اليه، و أطلق العديد من المشاهير حملة لتشجيع الفتيات عن الذهاب و الادلاء باقوالهن و توضيح ما تعرضوا له من هذا المتحرش من إبتذاذ حتى ينال عقابه.
- أسباب التحرّش و تعليقها على شماعة”ملابس الفتيات المُلفتة”
أُثيرت حالة من الغضب و انتشرت بين رواد السوشيال ميديا و أيضًا طالت المشاهير و الشخصيات العامة و ذلك بعد تصريحات الداعية عبدالله رشدي على موقع التدوينات “Twitter “ حيث قال إذ كتب عبد الله رشدي قائلا: “أن شكل ملابس المرأة سببا واحدا من التحرش، لكنه ليس كل الأسباب، وهو أيضا سبب لا يسمح ولا يبرر التحرش”. - وتابع الداعية “نحن ملتزمون بغض البصر ولبس ملابس مناسبة كما أمر الله، مؤكدا في الوقت نفسه أن تبرير التحرش غير مجد، فضلا عن محاولة التغاضي عن معالجة أسبابها، بما في ذلك الملابس الفاحشة فان هذا يعتبر من العبث”.
- هجوم المشاهير و رفضهم لإيجاد أسباب للتحرش
وجد البعض أن تصريحات الداعية”عبدالله رشدي” تسيء إلى المرأة والفتاة، وتمنح مبرر للمتحرش لمواصلة سلوكه،وانقسم رواد موقع التدوينات “Twitter “بين مؤيد ومعارض لآراء الداعية المصري، ليدشن الفريقين هاشتاجين حمل اسم عبد الله رشدي واحد للدفاع عنه وآخر للهجوم عليه.
و بدأت الهجوم الفنانة “رانيا يوسف” حيث قالت رانيا علي تلك تصريحات رشدي عبر خاصية الإستوري بموقع تبادل الصور والفيديوهات “Instagram “قائلة له: “حضرتك لما تخاطب جمهور المتحرشين وتقولهم إن البنت تتحمل قدر كبير من المسئولية عن التحرش بسبب لبسها إنت كده مش بتدعي لدين الله إنت كده بتدعي للتحرش وبتدي المتحرشين غطاء شرعي ومبرر لسلوكهم القذر”.
و لم تكن الفنانة”رانيا يوسف” وحدها من هاجمت الداعية”عبدالله رشدي” حيث نشر الفنان “عمرو محمود ياسين” اعتراضه على تصريحاته حيث قال””عزيزي الشيخ عبدالله رشدي أنا أحترم ذكائك وعلمك وأعجب بهم عندما أشاهدك في مناظرات وحوارات عدة.. ولكن إصرارك على التشويش على القضية الأساسية وهي اعتبار التحرش جريمة ونقطة من أول السطر وإدخال قضايا أخرى على نفس الخط صار مستفزا”.
وذكر: “فإذا كنت مهتما بقضية ملابس السيدات فتحدث عنها منفصلة عن قضية التحرش حتى لا تعطي ضعاف نفوس بنج موضعي يخدر به ضميره عندما يقرر التحرش بفتاة لا ترتدي حجابا أو ترتدي ملابس لا تعجبه.. ومثال السيارة المفتوحة مثال ساذج للغاية لأن الأصل أن السيارة حتى لو كانت مفتوحة يفترض أن تكون آمنة إذا كان ذلك في مجتمع سليم الفطرة وحسن النوايا.. وأصلا السيارة شيء والبني آدم أمر آخر”.
وواصل: “المقارنة ساذجة لا تتناسب مع ذكاءك الذي أظنه من مميزاتك يا شيخ عبد الله.. راجع نفسك وتحدث من منطلق ديني كما شئت في أمور العفة والتحشم ولكن بعيدا عن قضية التحرش لأن ما تقوم به وبإصرار من مزج القضيتين يشوه القضيه الأهم ألا وهي التحرش فرجاء راجع نفسك”.
- مواجهةالمجتمع و كسر حاجز الصمت و الخوف
رأى البعض أن خوف الفتيات من أهلهُن و أيضًا عدم قدرة مواجهة المجتمع بما يحدث لهن هو من أكبر الأسباب لانتشار التحرّش و ذلك لعدم معاقبة الفاعل و الإمساك في الضحية أنها من شجعت على قيامه بهذا الفعل - حيث عبرت الفنانة هند صبري عن نفس السياق من خلال تدوينة نشرتها عبر موقع “Twitter “ حيث قالت”في نطاق أوسع من قضية التحرش التي تشغل الرأي العام المصري والعربي هذه الأيام، أكاد أجزم أن معظم فتيات العالم العربي والعالم كله – ما عدا قلة محظوظة – تعرضن ولو مرة لتحرش لفظي أو جنسي و كتمن الواقعة خوفا من مجتمع غير عادل”.
وأضافت: “أنا فخورة بهذا الجيل من البنات، الذي كسر حاجز الصمت”، مضيفة: “التحرش والعنف الجنسي عار على الذي يقترفه، لا عليكي أنتي”.
وتابعت هند: “شكرا لكل الفتيات اللائي خرجن عن صمتهن من أجل كرامتهن و من أجل كرامة الأخريات، وشكرا لكل الرجال المحترمين الذين يساندونهن”.
و لم تكن فقط الفنانة”هند صبري” الوحيدة التي تساعد و تُشجع الفتيات بل أيضًا المذيعة “رضوى الشربيني”
حيث أكدت على دعمها وتكفلها بقضايا الفتيات المتضررين جنسياً سواء تحرش أو اغتصاب، حيث قالت في “تدوينة” لها، عبر حسابها الرسمي بموقع” Twitter ”: “لو أي واحدة ده تحرش بيها أحمد ده ولا غيره.. وخايفه منه ولا من أهله، أنا معها وهرفع لها القضية على حسابي، و‘ن شاء الله الحق هينتصر يعني هينتصر”.
وأضافت: “ومش ضحايا الشاب ده بس.. أي ضحية تحرش أو اغتصاب أنا في ظهرها، والمجلس القومي للمرأه دلوقتي في ظهر أي بنت أو ست عايزة تبلغ على أي قضيه تحرش أو اغتصاب، أرجوكم سرعة البلاغ الآن هتفرق كتير”.
- تعرضنا للتحرش و لن نصمت مرة أخرى
و على غرار تشجيع الجميع للفتيات خرجت الفنانة الشابة مايان السيد عن صمتها و أعلنت عن تعرُضها للتحرش . - حيث نشرت عبر صفحتها الشخصية على موقع تبادل الصور “Instagram “ فيديو تدعم فيه الفتيات على تقديم البلاغات ضد كل من يتحرش بِهن و كشفت أيضًا من خلاله تعرضها هي شخصيًا للتحرش مرة على يد صديق لها خارج الوسط الفني ،و مرة أخرى من داخل الوسط الفني و لكن لم تُفصح عن إسمه.
و أيضًا نشرت الفنانة الشابة”سلمى أبو الضيف” فيديو لها هي الأخرى عبر حسابها الشخصي على موقع “Instagram “ روت من خلاله تعرُضها للتحرش أنها تعرضت للتحرش على يد طبيب كان يعالجها في سن صغيرة.
وتابعت: “مررت بهذه التجربة في سن صغيرة، حيث كنت أعالج عند طبيب استغل مهنته في أغراض أخرى، وكان هذا الطبيب يستغل الموقف في أن يتحرش بي بشكل غير مريح، وهو الأمر الذي دفعني إلى الحديث مع والدتي والتي قررت عدم الذهاب له مرة أخرى”.
- وأردفت: “نصيحتي لكل الفتيات اللاتي يتم التحرش بهن، لابد من الحديث مع الأهل ولابد أن يتقبل الأهل الحديث في هذا الأمر بهدف الدفاع عن بناتهن وليس العكس”.
- و منذ ساعات قليلة نشرت الفنانة “هنا الزاهد ” مقطع فيديو خلال خاصية “story” على صفحتها الشخصية على موقع “Instagram “ و قامت بتصويره لمجموعة رجال يحاولوا التحرش بها و هي في سيارتها الخاصة و عندما بدأت بتصويرهم قاموا بإخفاء وجوههم و الابتعاد بسيارتهم بعيدا عنها و قالت أنهم حاولوا مضايقتها بالكلام الخارج و مطاردتها بسيارتهم و عندما قامت بتصويرهم قاموا بالإسراع في الإبتعاد عنها ووصفتهم بالفئران لخوفهم من معرفة ملامحهم.
و طالبت الفتيات عدم السكوت و مواجهة كلاً من يحاول التعرض لهن سواء باللفظ أو باللمس . - موقف دار الإفتاء و الأزهر الشريف من التحرّش الجنسي
إن الأزهر الشريف قد تطرق في وقت سابق لهذا الموضوع قائلا إن “التحرش تصرُّف محرَّم شرعاً وسلوك مدان بشكل مطلق ولا يجوز”، وذلك في معرض تعليقه على وقائع شهدتها مصر مؤخرا؛ ودعا إلى “تفعيل القوانين التي تجرم التحرش وتعاقبه على فعله”.
وأكد الأزهر سابقًا و تعقيباً على ما تداولته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي من حوادث تحرش، لافتا إلى أن الأمر “وصل في بعضها إلى حد اعتداء المتحرش على من يتصدى له أو يحاول حماية المرأة المتحرش بها، فيما سعى البعض لجعل ملابس الفتاة أو سلوكها مبررًا يُسوغ للمتحرش جريمته النكراء، أو يجعل الفتاة شريكة له في الإثم”.
وشدد على أن “التحرش – إشارة أو لفظًا أو فعلًا- هو تصرف محرم وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعًا، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويّة وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع”، مضيفا أن “تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق، فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط؛ لما في التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلًا عما تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات”.