أحمد مالك وبيمبو.. الذكاء ثالثهما والتألق رابعهم
جاءت الحلقتان الأخيرتان من مسلسل بيمبو على منصة شاهد لتكشف لنا أخيرًا كل الألغاز العالقة، وتؤكد لنا مدى جودة المسلسل وتألق بطله أحمد مالك في تجسيد بيمبو، من خلال أداء ممتاز حافظ على ثباته طيلة الحلقات، بل وتصاعد أيضًا مع تطور الأحداث بشكل مُلفت ومُرضي لمشاهدي المسلسل ومتابعيه. ليؤكد مالك مجدداً تميزه بين أبناء جيله، وقدرته دومًا على تقديم أداء يعلق بذهن المشاهد، ويعزز الثقة في أن اختياراته لأعماله تحمل دومًا التنوع والمختلف في عناصرها.
في الحلقة السابعة، يستغل بيمبو قدرته الاستثنائية على التحليل، ويتمكن أخيرًا من استنتاج مكان مريم النحاس، ويتوجه برفقة لانا وجابر إليه. هناك يحاولوا معرفة سر قصة الملاحة من مريم، وتفاصيل مقتل سونيا والقصة بأكملها. تراوغهم مريم في سردها وتنجح في الهرب منهم أخيرًا لكنها تتعرض لمحاولة قتل تدخل إثرها في غيبوبة؛ فيقرر بيبمو أن الأمور خرجت عن سيطرته تمامًا، وأنه أنهى مهمته مع لانا بعد أن أرشدها لمكان مريم، وحان الوقت لأن يذهب كلُ منهما لحاله، فيعلن انسحابه من العلاقة بعبارته “أنا عرفت أنا إيه.. أنا مجرد ديلر”. ولكن جابر يقرر مرافقة لانا حتى يعثرا على جايلان التي تم اختطافها. في حين تتأزم الأمور تمامًا بين الكسباني وكاش وشمعدان والحاجة، بعد تداول خبر أن كيتو لا زال على قيد الحياة، وتقترب بنا الأمور من حرب عصابات دامية.
مالك أدى ببراعة في الحلقة السابعة، وانتقل بين حالات انفعالية عدة بمنتهى التلقائية خلال الأحداث.. بيمبو يربط التفاصيل في بداية الحلقة ويتعالى أدرينالينه حتى يستنتج مكان تواجد مريم. ثم نجده يتظاهر بالخطورة ويقنع مريم بأن جابر كائن مختل حتى يحصل منها على إجابات واعترافات. يتوتر حين تهرب مريم ويلاحقها بكل ما أوتي من سرعة، ثم يتعرض لإجهاد كبير ويسقط على الأرض بينما تحاول لانا مساعدته على التقاط أنفاسه. ينهار حين يخبرهم الطبيب بأمر غيبوبة مريم، ويعلن انسحابه من الأمر وضرورية افتراقه عن لانا بقلب منفطر يفيض بالحب لها. كل هذه الحالات الانفعالية المختلفة، يؤديها مالك خلال أحداث متلاحقة بإجادة وتلقائية ممتازة، فنشعر بدهائه وحنوه ومكره وطيبته ورومانسيته وخوفه وشجاعته وعناده واستسلامه وإصراره وهروبه، كل هذا نصدقه تمامًا لأنه يجسده بصدق يجعلنا نتورط مع بيمبو تمام التورط.
مع بداية الحلقة الثامنة، نعود لبداية قصة بيمبو وكيف تركته أمه أمام الملاهي، لتتعرف عليه صاحبة محل المجوهرات وتدرك مدى ذكائه فتقرر تولي تربيته. وينقل لنا مالك كل مشاعره التي يكنها تجاه تلك المرأة ببراعة خلال مشهد وحيد، فنشعر فعلًا بأنه يحترمها ويقدرها ويحفظ لها جميلها وتربيتها. بعدها يؤكد لنا بيمبو إصراره على التورط في أشد الأمور خطورة، لنجده يصاحب لانا وجابر من جديد ويقحموا بأنفسهم في حرب العصابات التي على وشك الحدوث.
تنفتح النار بين كسباني وكاش والحاجة وشمعدان، لتقع المجزرة المنتظرة. ويعود بيمبو من جديد للدفاع عن حبه تجاه لانا، فيواجه المقاتل الأسيوي الذي يعمل لحساب كاش بمنتهى الشجاعة، وينتهي الأمر بتلقي بيمبو رصاصة، لكنه يكشف لهم بقدرته التحليلية أن كسباني هو قاتل سونيا، ثم يغيب عن الوعي.
يتعافى بيمبو ثم نشهده في حفلة بمنزل لانا، التي أخيرًا تبادله حبه وتعترف له بعبارتها “أنا عرفت أنت إيه.. أنت مش مجرد ديلر”. ما هي إلا لحظات، ويعود بيمبو لشخصيته الاستقصائية، ومن تفصيلة صغيرة يواجه شادي شقيق لانا، فيكشف له ولنا جميعًا اللغز الذي حيّرنا كثيراً منذ لحظات المسلسل الأولى، ويقودنا بتفصيلة بعد الأخرى إلى أن السفاح هو نفسه شادي شقيق لانا. يتم هذا في مشهد كشف ومواجهة رائع بين أحمد مالك وشقيقه الفعلي حسن مالك، يقدمان فيه سويًا أداءً مثيراً وممتازاً قائم على النظرات وما تنقله من أحاسيس مختلفة؛ فنشعر بالتحدي بينهما حين يكشف بيمبو الوقائع بنظراته الصارمة بينما يبادله شادي بنظراته المندهشة والغير مبالية أحيانًا، كذلك نلمس التأثر حين يبرر شادي بعيون دامعة أسباب فعلته، ويبادلها بيمبو بنظرات حزينة لكنها لن تتنازل عن تحقيق العدالة في نفس الوقت.
تنتهي رحلة بيمبو أخيراً، بعد أحداث عامرة بالغموض والإثارة، أخذنا إليها بيمبو بشخصيته المعقدة الجميلة والذكية المثيرة للفضول، حيث جسدها مالك بمنتهى التلقائية فأحببناها وصدقناها.. مالك وتألقه مع بيمبو وذكائه يتركانا مع نهاية مثيرة تعدنا بجزء جديد ربما يقحمنا في رحلة جديدة زاخرة بالإثارة، سنواجه خلالها كيتو ونطارده بشراسة.. وها نحن ننتظر.