بقلم فضيلة الشيخ : محمد حبزة
هناك بعض الأعمال التي لابد وأن تتغير في حياتك
أولاً:الصلاة ثم الصلاة ثم الصلاة فأول ما يحاسب عليه العبد من عمله الصلاة ، فصلاح عمله وفساده بصلاح صلاته وفسادها، وهي واجبة على كل مسلم ومسلمة ولا استثناء لأي شخص منها والأدلة على ذلك كثيرة فمن الكتاب قوله -تعالى-: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]. وعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ((أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة: الصلاة، فإن صلحت صلح سائرُ عمله، وإن فسدت فسد سائرُ عمله))
ثانياً: القرآن : فهجر القرآن عمل ذمَّه الله تعالى؛ قال عز وجل على لسان أحد أنبيائه: ﴿ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، فاجعل من هذا الشهر الكريم انطلاقةً عمليةً وتفاؤليةً مع كتاب الله فاقرأ ما تيسر لك وواظب على القراءة فأفضل الأعمال أدومها وإن قل ، روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ”
ثالثاً: صلة الرحم من أسباب بسط الرزق وطول العمر، فاجعل شهر رمضان فرصة وانطلاقة في تصحيح هذا المسار طيلة حياتك صلةً رحم مرتبة غير مقتصرة على رد الزيارة لمن زارنا فقط،لا ولكن لنصل من وصلنا ومن قطعنا أيضاً. فقال سبحانه: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد:22-23].
رابعاً: ، بر الوالدين : مفتاح لكل خير، ومِغلاق لكل شر، وأيضًا سعادة وأُنس وسكينة واطمئنان، لنتعامل في هذا الشهر الكريم بروح عالية وأدب متناهي مع الوالدين، فلربما صادفت بدعوة صادقة، فتسعِد في الدارين الدنيا والآخرة ،قَالَ تَعَالَى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(24)}[الإسراء:23- 24]
خامساً: الذكر : فإن ذكر الله تعالى من أوسع الأبواب في تحصيل الثواب، ويُهيئ النفس للتحمل للمشاق بأنواعها، فهل سننطلق في هذا الشهر المبارك بأذكار كانت غائبة عن ألسنتنا قبل ذلك، ونستمر عليها طول العمر، إنك يا أخي حين تتأمَّل ذلك، ستجد أرباحًا عظيمة هي ضائعة، فابحَثْ عنها واثبُت عليها،يكفيك هذا الحديث عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الذي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ رَبَّهُ، مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ) متفقٌ عليه فهل أنت من الأحياء أم من الأموات؟؟
سادساً: الغيبةوالنميمة: قال وقيل ويقول وسمعت من فلان وقال لي فلان كل هذا آفة عظيمة، وما هي إلا توزيع حسناتك على الآخرين في يومٍ أنت أحوج ما تكون إليه، فما أسهلها قولًا وما أعظمها أثرًا سيئًا، فاجعل من رمضان فرصة لتركها، والبعد عنها والتحذير منها، وحينها ستختفي مشاكل لا تُحصى كثرةً هنا وهناك. فالغيبة منكرة وكبيرة من كبائر الذنوب، والنميمة كذلك، يقول الله -جل وعلا-: وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ سورة القلم(10-11). ويقول النبي ﷺ: لا يدخل الجنة نمام، ويقول ﷺ أنه رأى شخصين يعذبان في قبورهما أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة.
سابعاً: الصاحب والجليس أعلم بأن الصاحب ساحب، والمرء على دين خليله، فستكون أنت نسخةً منه، فاجعل من شهر رمضان نظرة في تحديث قائمة الأصحاب لديك وترك ما لا تحسُن مجالسته؟ فبهذا ستسلم من سلبيات كثيرة أنت في غِنى عنها،فخير ما يكتنزه الإنسان بعد تقوى الله الصحية الصالحة فتأمل.
ثامناً: العُبوس في وجه الآخرين من الأخلاق السيئة، والبشاشة والابتسامة تفتح لك المغاليق عند الآخرين، وهي فرصة لجمْع الأجر العظيم مع تَكرارها، فاجعل في هذا الشهر الكريم واقعٍ من الانبساط وطلاقة الوجه والإبتسامة عند لقاء الغير، فإن النفس إذا اعتادت ذلك صار سجيةً لها، فكُن كذلك! وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة ) رواه الترمذي .
تاسعاً: الصدقة تُطفئ غضب الرب، وتدفع البلاء وتُبارك المال وتزيده، فانطلق في شهرك الكريم بقرار يجعلك تُحدد نسبةً مئويةً من دخلك الشهري للفقراء والمساكين، فهي مخلوفة عليك، وهي نقل لمالك من حسابك الدنيوي إلى حسابك الأخروي، جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول» وقال تعالى : ” وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” [المزمل: 20] هذا وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.