بقلم فضيلة الشيخ : محمد حبزة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد: فالمتدبر في القرآن الكريم يلحظ أن الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة حث على تزكية النفس والعمل على إصلاحها بشتى الوسائل فنجد مثلاً قوله تعالى: ( فمن أبصر فلنفسه ) 104 سورة الأنعام وقوله تعالى: ( من عمل صالحًا فلنفسه ) 15 سورة الجاثية. وقوله تعالى: ( ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ) 12 سورة لقمان. وقوله تعالى: (ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه ) 18 سورة فاطر. وقوله تعالى: ( ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ) 6 سورة العنكبوت. وقوله تعالى: ( فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ) 92 سورة النمل. وقوله تعالى: ( ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه ) 38 سورة محمد. وقوله تعالى: ( فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ) 10 سورة الفتح. وقوله تعالى: ( ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه ) 111 سورة النساء. فنجد من خلال الآيات السابقة أن الله يريد منا أن نتعرف على المسؤولية الفردية وأن نتحمل نتائجها في أوضح صورة فالناس لن تنفع الإنسان ولن تعود بشئ عليه ومشهد يوم القيامة واضح وصريح قال سبحانه ( فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) ) (سورة عبس ) فلماذا لا نتغير إذا؟؟ ليس المقصود من التغيير أن تتغير شكلاً في الهيئة واللبس أو تتغير مؤقتاً تتوب ثم تنتكس ثم تعود وهكذا، إنما المقصود أن يكون الصيام دفعة للأمام ورفعة للأعلى ليتم التغيير … رمضان فرصة للتغيير لما يسر الله تعالى فيه، من أسباب الخيرات، وفعل الطاعات، فالنفوس فيه مقبلة، والقلوب إليه مشتاقة، ولأن رمضان تصفد فيه مردة الشياطين. فلا يصلون إلى ما كانوا يصلون إليه في غير رمضان، وفي رمضان تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران، ولله في كل ليلة من رمضان عتقاء من النار، وفي رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر؛ فما أعظمها من بشارة، لو تأملناها بوعي وإدراك لوجدتنا مسارعين إلى الخيرات، متنافسين في القربات، هاجرين للموبقات، تاركين للشهوات وأول ما تحتاج إليه لبدء التغيير أولا ً: أن تصدق في عزمك على التغيير ثانيأ: أن تهيئ المركز المدبر للتغيير الذي إذا صلح وتغيّر.. صلح الجسد كله..!! ألا وهو القلب الذي هو مركز التقوى التي هي من أعظم مقاصد الصوم (التقوى هاهنا)، فإن جمعتَ فيه خيراً وعملاً صالحاً … صح وصلح!! وإن جمعتَ فيه شراً وعملاً فاسداً … خبث وفسد!! السؤال الآن؟؟ هل يمكننا بعد تدبر هذه الآيات أن نغير من أحوالنا ، ونحسن من أوضاعنا ، فنفكر في مآلنا ومصيرنا بعد فراق الحياة ، فنمهد لأنفسنا من الآن قبل عثرة الأقدام ، وكثرة النـــدم ، فنتزود ليوم التناد بكامل الإستعداد ؟