بقلم فضيلة الشيخ : محمد حبزة
أما من يقول من الفقهاء : إن تارك الصلاة كافر، كما هو ظاهر بعض الأحاديث، وهو مروي عن عدد من الصحابة والفقهاء مثل الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وغيرهما متمثلا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم، ففتواه واضحة في شأنه، فهو يرى أن صومه باطل، لأنه كافر بترك الصلاة، والصوم لا يُقبل من كافر. وأما من يرى رأي جمهور الفقهاء من السلف والخلف: بأن تارك الصلاة فاسق، غير كافر، وأن الله لا يضيع عنده عمل عامل، ولا يظلم مثقال ذرة: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (الزلزلة: 7،8) فهو يرى أنه مؤاخذ بترك الصلاة، مثاب على أداء الصيام، وأن عقابه على ترك فريضة، لا يلغي ثوابه على تأدية غيرها. وهذا ما عليه الفتوى والله أعلم ونقول لهولاء ألم يقل المولى سبحانه وتعالى: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ? [البقرة: 85]. إن الإسلام دينٌ كاملٌ ومتكاملٌ تَشُدُّ أركانه بعضُها بعضًا، فلا يليق بالمسلم الذي يخشى الله ويتقيه أن يأتي ببعض الأركان ويترك البعض الآخر. من يصوم ولا يصلي يكون قد أقام ركنًا من أركان الإسلام وهدم ركنًا آخر، فهو كمَن آمن ببعض الكتاب وكفر بالبعض الآخر، وهؤلاء توعدهم الله بأشد العذاب يوم القيامة، فمن صـام وهو لا يصلي فصومه صحيح غير فاسد؛ لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، ولكنه آثمٌ شرعًا من جهة تركه للصلاة، ومرتكب بذلك لكبيرة من كبائر الذنوب، ويجب عليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى. أما مسألة الأجر فموكولة إلى الله تعالى، غير أن الصائم المُصَلِّي أرجى ثوابًا وأجرًا وقَبولًا ممن لا يصلي.