بقلم فضيلة الشيخ : محمد حبزة
حمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله الصادق الأمين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين أما بعد:
مرحباً رمضان
شهر رمضان، شهر الصيام، شهرالقرآن، شهر القيام شهر الجود والإحسان، شهر غفران الذنوب ، شهر تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، وتقال فيه العثرات، شهر تُجاب فيه الدعوات، وتُرفع فيه الدرجات، وتُغفر فيه السيئات، شهر العتق من النيران
فأين المشمرون المسابقون؟
وأين المتنافسون في الخيرات السباقون إلي الفضائل والمكرمات ؟ أين الصالحون المتقون؟
وأول رسالة من الرسائل الرمضانية هذا العام
أن نتذكر سويا بعضا من
فوائد هذا الشهر الكريم لعل الله سبحانه وتعالى يجعلنا ممن يغفر لهم في هذا الشهر الكريم ويعتقنا من النيران ويدخلنا أعلى الجنان إنه على ذلك قدير وبالاجابة جدير
وأول ما يطالعنا من فوائده العظيمة
التحلي بخلق التقوى
قال تعالى : “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” [البقرة:183]،
فقد أوضح الحق سبحانه أنه كتب علينا الصيام لنتقيه جل شأنه فدل ذلك على أن الصيام وسيلة للتقوى،
والتقوى هي: طاعة الله ورسوله بفعل ما أمر وترك ما نهى عنه عن إخلاص لله عز وجل، ومحبة ورغبة ورهبة، وبذلك يتقى العبد عذاب الله وغضبه
فاتقوا الله أيها الناس وأدوا فريضة الصيام بإخلاص وطواعية ، أدوا هذه الفريضة واحفظوها مما يشينها فالصوم الحقيقي ليس مجرد الإمساك عن الأكل والشرب والاستمتاع ولكنه مع ذلكم إمساك وكف عن اللغو والرفث والصخب والجدال في غير الحق ، وكف عن الكذب والبهتان والهمز واللمز والأيمان الكاذبة ، إمسـاك عن السباب وعن قذف المحصنات ، إمساك وكف عما لا يحل سماعه من لهو وغيبة وغيرهما
، قال جابر رضي الله عنه { إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار وليكن عليك سكينة ووقار ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء }
ثانيأ: فتح أبواب الجنان وغلق أبواب النيران ويالها من فائدة يعمل لها كل من يريد الوصول إلى ربه والفوز بمحبته ورضوانه
روى الترمذي بسند صحيح عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:”إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، ويَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ”
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين”
ثالثاً :مغفرة الذنوب
فقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه
فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((رَغِمَ أنفُ رجلٍ دخَل عليه رمضانُ ثم انسَلَخ قبل أنْ يُغفَر له، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ أدرَك عنده أبواه الكِبَرَ فلم يُدخِلاه الجنَّة))؛ (صحيح، رواه الترمذي وأحمد “صحيح الجامع” .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول “الصلواتُ الخمسُ ، والجمعةُ إلى الجمعةِ ، ورمضانُ إلى رمضانَ ، مكفِّراتُ ما بينهنَّ إذا اجتَنَبَ الكبائر
رابعاً : شهر نزول القرآن
فإن رمضان هو شهر القرآن اختصه الله -عز وجل- بنزول هذا الكتاب المبين فيه، وقال – سبحانه-:”شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ” (البقرة: من الآية185)،
قال بعض السلف- رحمهم الله-: “ما من كتاب أنزله الله على نبي من الأنبياء إلا كان في هذا الشهر المبارك” ويقول- سبحانه وتعالى-: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ” (القدر:1،2) ،
“إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ” (الدخان: من الآية3)
ولا تعارض بين إنزال القرآن في شهر رمضان وفي ليلة القدر منه، وبين قول ربنا- سبحانه-:”وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً” (الإسراء:106)،
وقول الله -عز وجل-:”وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً” (الفرقان:32)، فالقرآن نزل في ليلة القدر جملة من بيت العزة إلى سماء الدنيا، ثم بعد ذلك نزل به جبريل -عليه السلام- مفرّقاً منجّماً على امتداد ثلاث وعشرين سنة بحسب الحوادث والأحوال التي تجددت للأمة.
لذا يتأكد الإكثار من تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان الكريم تأسيا بخير خلق الله تعالى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: “كان يَعرِضُ على النبي صلى الله عليه وسلم القرآنَ كلَّ عامٍ مرَّةً، فعرَضَ عليهِ مرَّتينِ في العامِ الذي قُبِضَ فيه، وكان يَعْتَكِفُ كلَّ عامٍ عَشرًا، فاعْتَكَفَ عِشرينَ في العامِ الذي قُبِضَ فيهِ” (صحيح البخاري ).
لذا لابد أن نحرص على ختم القرآن مرة بعد مرة، وعلى أن نتدارسه ونتدبره ونتأمل في حكمه وأحكامه، وفي ذلك الأجر العظيم والثواب الكبير، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: “من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول “ألم” حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف”، الله أكبر كل حرف من القرآن بعشر حسنات! لو أن إنساناً قال: بسم الله الرحمن الرحيم هذه تسعة عشر حرفاً بمئة وتسعين حسنة، والله يضاعف لمن يشاء، لو أن إنساناً قرأ سورة الإخلاص “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ،وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ” هذه فيها ستة وستون حرفاً بستمائة وستين حسنة في أقل من دقيقة، والله يضاعف لمن يشاء
خامساً: فيه ليلة هي خير من ألف شهر، وهي ليلة القدر:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: لما حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغـلق فيه أبواب الجحـيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرها فقد حُرِم”
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”
سادساً: فيه استجابة الدعاء، والعتق من النار:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن لله عتقاء في كل يوم وليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة”.
وعبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” للصائم عند فطره دعوة ما ترد” .
و عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر والإمام العادل ودعوة المظلوم”.
سابعاً: من فضائل الصوم أنَّه يَشفَعُ لصاحبه يومَ القيامة
فعن ابن عمرٍو – رضي الله عنهما – أنَّ النبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: “الصِّيام والقُرآن يَشفَعان للعبد يومَ القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعتُه الطعام والشَّهوة فشفِّعني فيه، ويقول القُرآن: منعتُه النومَ بالليل فشفِّعني فيه، قال: فيَشفَعان”؛ (رواه أحمد، والطبراني )
ألا شمروا ساعد الجد وجدوا واجتهدوا واروا الله من أنفسكم خيراً
إحذروا من التفريط في هذا الشهر العظيم فأيامه معدودة وساعاته محدودة ولا تكن من أولئك الذين جعلوا رمضان موسما للهو والعصيان ، إحذركم واحذر نفسي من الغفلة والإعراض عن الرحمات والنفحات الإلهية قال تعالى :{ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى }
فكم تتألم النفوس المؤمنة وتتقطع حسرة على ما تراه من شباب المسلمين الذين اجتمعوا على اللهو وقتل الأوقات في ليالي رمضان
سؤالي إليكم لتعرضوه على أنفسكم
مَن لم يَتْب في شهر رمضان فمتى يتوب؟
ومَن لم يُقلِع عن الذنوب في رمضان فمتى يُقلِع؟
ومَن لم يَرحم نفسه التي بين جَنبيه وقت الصيام فمتى يَرحمها؟
ياذا الذي ما كفاه الذنب في رجب
حتى عصى ربَّه في شهر شعبان
لقد أظلك شهر الصوم بعدهما
فلا تصيره أيضاً شهر عصيان
واتلُ القرآنَ وسبِّح فيه مجتهدا
فإنه شهر تسبيح وقرآن
فاحمل على جسد ترجو النجاة له
فسوف تضرم أجساد بنيران
كم كنتَ تعرف ممن صام في سلف
من بين أهل وجيران وإخوان
أفناهم الموت واستبقاك بعدهم حياً
فما أقرب القاصي من الداني
ومعجب بثياب العيد يقطعها
فأصبحت في غد أثواب أكفان